ضحك المشيب برأسه .. فبكى

اليوم موضوع مميز


ولكن الشيب قد يغزو رأس الشباب، في ظاهرة انتشرت في القرن الماضي ضمن مجموعة ظواهر مرضية ظهرت في عصر الصناعة والتقانة، إسمها ظاهرة الشيب المبكر.

ألوان الشعر:

يعتمد لون الشعر على مدى نشاط الخلايا الملونة بالجلد، وهي خلايا الميلانوسايتس والتي تفرز مادة الميلانين التي تلون الشعر، كما أن تركيز تلك المادة الملونة في نسيج الشعرة يتأثر بعوامل مختلفة أهمها تركيز أنزيم معين يسمى أنزيم التايروزينيز :

1ـ الشعر الأسود : تتركز المادة الملونة فيه بنسبة كبيرة، وذلك نتيجة اتحاد الميلانين الذي يعطي الشعر اللون الداكن مع التايروزين.

2ـ الشعر البني : وتكون الخلايا الملونة في هذا النوع من الشعر أصغر حجماً وأقل عدداً من النوع الأول.

3ـ الشعر الأشقر : وتترسب المادة الملونة على الأنسجة الداخلية، ولكن ألياف الشعر الأشقر تخلو من المادة الملونة لهذا يظهر اللون فاتحاً.

4ـ الشعر الأحمر : ويحدث عادة بين ذوي البشرة الشقراء، وسبب ظهور هذا النوع من الشعر هو ترسب صبغة من أملاح الحديد على ألياف الشعرة، وتكون مادة الميلانين مترسبة بنسبة ضئيلة على الألياف الداخلية للشعرة.

5ـ الشعر الأبيض (الشيب) : وتخلو خلايا الشعر فيه من المادة الملونة.

أنواع الشيب:

1- الشيب نتيجة للتقدم في العمر : يقل عدد الخلايا الصانعة للميلانين وبالتالي تنقص مادة الميلانين مما يؤدي إلى ابيضاض الشعر، وتزداد الجيوب الهوائية الموجودة بين خلايا قشرة الشعرة نفسها، وهذا الهواء بما يحتويه من أوكسجين قادر على أكسدة الميلانين الموجود في خلايا قشرة الشعر إلى مادة عديمة اللون.

يبدأ الشعر في المشيب عند البيض بين منتصف سن الثلاثين والأربعين، ثم يزداد الشيب على مدى العشرين سنة التالية، ومع بلوغه لسن 60ـ70عاماً يشيب الشعر كله تقريباً، أما بالنسبة للسود فإنهم يتأخرون عن البيض بمعدل 10سنوات تقريباً، ولسبب غير معروف حتى الآن فإن الشيب يبدأ في الظهور على جانبي الوجه أولاً ثم ينتشر ليشمل جانبي الرأس ثم بقية الرأس ثم بقية شعر الجسم.

2ـ الشيب المبكر : يعتبر الشيب مبكراً عندما يبدأ في الظهور قبل سن الثلاثين للبيض وقبل سن الأربعين للسود، ويبدأ الشيب المبكر في الظهور على جانبي الرأس ثم يمتد إلى وسط الرأس ثم إلى شعر اللحية والشارب وفي بعض الأحيان يبدأ الشعر الأبيض على اللحية والشارب قبل ظهوره على شعر فروة الرأس، ومؤخرة الرأس مقاومة للشيب وقلما يظهر فيها، أما بقية شعر الجسم مثل تحت الإبطين فإن الشعر الأبيض نادر الحدوث بهما، وأول ما يبدأ الشيب في الظهور يكون في جذع الشعرة.

من أخطر أنواع الشيب هو ذاك الذي يحدث بسرعة وبفترة زمنية قصيرة قد لا تتعدى ساعات قليلة، نتيجة التعرض لضغوطات نفسية أو لحوادث عصيبة وقاسية، وهنا يظهر على شكل دوائر حلقية يغطي كل فروة الرأس وطول الشعرة كلها، وأشهر مثال هو ما حصل لماري أنطوانيت أبان الثورة الفرنسية، فبعد انتصار الثورة صدر قرار بإعدامها بالمقصلة، وفي يوم التنفيذ لم يعرفها الناس، فقد تحوّل شعرها خلال ساعات إلى اللون الأبيض نتيجة الفزع والشد العصبي العنيف، ويصعب تفسير مثل هذه الحالة علمياً، لأن الجزء الذي نراه من الشعر وهو الساق لا يستطيع الجسم تغييره، بل يستطيع فقط التأثير على خلايا البصيلة الشعرية القادرة على التكاثر، وبتكاثر هذه الخلايا ودفع الخلايا الشابة للخلايا المتقدمة في العمر، فإن الوقت لظهور جزء أبيض من الشعر القريب من فروة الرأس (ظهور الشيب) حوالي 14 يوم (الشعرة تنمو بمقدار 0.04 ملم يومياً).

وبعض حالات الشيب المبكر تكون مؤقتة، إذ قد تعاود الخلايا الملونة نشاطها مرة أخرى خاصة بعد زوال المؤثر، وبالتالي يعود لون الشعر إلى وضعه العادي ويحدث هذا أحياناً في أمراض الحميات ومرض الثعلبة، أما إذا كان المؤثر على الخلايا الأم (الكيراتينوسايتس) التي تنتج الخلايا الملونة، فإن فرصة إعادة تلوين الشعر مرة أخرى تكاد تكون معدومة.

أسباب الشيب:

هناك عوامل كثيرة تؤدي إلى ظهور الشعر الأبيض منها وهي :

1- العامل الوراثي : وله دور كبير في ظهور الشيب المبكر، فإذا كان أحد أفراد العائلة أو الأقارب يعانون من الشيب المبكر فإن احتمال التعرض له يزداد، وليس بمعروف إلى الآن الآلية الوراثية لذلك، وغالباً ما يظهر على مقدمة الفروة، وقد يصاحبه بقع فاتحة اللون بالجلد.

2- العوامل النفسية والعصبية : هناك ارتباط واضح بين العوامل النفسية والعصبية وظهور الشيب المبكر، وخاصة في أمراض التوتر العصبي فظاهرة انتشار الشعر الأبيض في مرضى الأعصاب أكثر وضوحاً من غيرهم، وفي حالة الشلل النصفي حيث يظهر الشعر الأبيض في النصف المشلول من الجسم، وكذلك عند الانفعالات الشديدة والمفاجئة مثل الخوف الشديد أو الحزن الشديد أو الإصابة بالهموم الكبيرة، ومصداق ذلك قوله تعالى : {فكيف تتقون إن كفرتم يوماً يجعل الولدان شيبا}، حيث وصف الله أهوال يوم القيامة بأنها تعجل بظهور الشيب عند الشباب، كما أن آلاف الشواهد الواقعية تؤكد ذلك، وفي الغالب تفسير هذه الظاهرة هو أن تلك المؤثرات تؤدي فعلاً إلى ظهور الشعر الأبيض نتيجة توقف نشاط الخلايا الملونة، وتسبب كذلك تساقط الشعر الملون بنسبة كبيرة حيث يظهر بعدها الشعر الأبيض متفوقاً في العدد على الشعر الملون، وإذا استمر تأثير تلك العوامل فإن بقية الشعر الملون قد يتحول إلى شعر أبيض، وبهذا يبدو شعر الرأس أبيض اللون.

3- سوء التغذية ونقص الفيتامينات : يلعب سوء التغذية دوراً واضحاً في حدوث الشيب المبكر، خاصة في حالة وجود نقص شديد في بعض العناصر الغذائية المهمة في تكوين مادة الميلانين المسؤولة عن لون الشعر، ومن أهم هذه العناصر الحديد والنحاس وحمض الفوليك وفيتامين (ب) المركب بأنواعه، وعلى الرغم من عدم وجود إثباتات حاسمة على دور نقص الفيتامينات في ظهور الشيب، إلا أن هناك دراسات علمية أشارت إلى ارتباط الشيب بنقص فيتامين (ب) المركب، وقد أشارت بعض هذه الدراسات إلى جدوى الجرعات الكبيرة من الفيتامين (ب) في تأخير الشيب.

4- الأمراض العضوية : إن لإصابة الإنسان بالأمراض العضوية (وبخاصة أمراض الجهاز الهضمي المتكررة) دوراً كبيراً في الإسراع في ظهور الشيب المبكر، وقد يكون السبب في ذلك عائداً إلى كون هذه الأمراض العضوية يصاحبها في الغالب ارتفاع درجة حرارة الجسم ومظاهر الهزال والضعف البدني العام، وكلها عوامل إضافية تساعد على حدوث الشيب المبكر، وفي أحيان قليلة قد يحدث الشيب المبكر نتيجة لبعض الالتهابات المستمرة في الجسم مثل التهاب اللثة والأسنان المتكرر، وكذلك التهاب فروة الرأس الدهني وقشرة الشعر.

5ـ الهرمونات : ولها أثر مهم على سرعة ظهور الشيب، كما هو الحال عند نقص إفرازات الغدة النخامية التي تنشط إفرازاتها الخلايا الملونة، فإذا نقصت إفرازات تلك الغدة فإن الشعر يفقد لونه الأصلي، كما أن النقص في إفرازات الغدة الدرقية يؤدي إلى ظهور الشعر الأبيض كذلك.

6ـ مرض الثعلبة : وهو التساقط الموضعي للشعر، وتظهر فيه مناطق من فروة الرأس خالية من الشعر، وذلك نتيجة عوامل مختلفة، وعندما تستعيد البصيلات نشاطها يحدث أحياناً أن تبقى الخلايا الملونة خاملة، ولا تعطي الشعر اللون الطبيعي، لهذا يظهر الشعر الذي بزغ في تلك المنطقة غير ملون.

7ـ مرض البهاق : ويحدث عندما تفقد الخلايا الملونة بالجلد مقدرتها على إفراز المادة الملونة، وبهذا تظهر مناطق من الجلد بيضاء اللون، وإذا حدث نفس المؤثر على فروة الرأس فإن الشعر يفقد لونه الطبيعي كذلك ويصبح أبيض اللون.

8ـ المؤثرات الفيزيائية : فالتعرض للحرارة الشديدة، أو التعرض المستمر للأشعة السينية مثلاً قد يؤديان إلى ظهور الشعر الأبيض.

9ـ التقدم بالسن : وهي عملية فسيولوجية بحتة، إذ تجهد الخلايا الملونة وبالتالي تفقد نشاطها، ولا تستطيع أن تزود الشعر باللون الطبيعي، وهذه عامة لكل البشر.

علاج الشيب :

مع الأسف لا يوجد علاج نهائي وكامل للشيب، فعندما تبدأ عملية الشيب لا يمكن إعادة اللون الأصلي للشعر مرة أخرى، ولكن من الممكن الإبطاء في هذه العملية أو تأخير حدوثها وذلك في حالة الشيب المبكر، ويكون ذلك بالسعي لتجنب الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الشيب المبكر خاصة عند وجود قابلية وراثية لذلك، كما يجب العلاج المبكر للأسباب التي أدت إلى ظهور هذا الشيب إن وجدت، حيث يجب بصورة عامة الاهتمام بالصحة العامة والاعتناء بنظافة الشعر وتغذيته، كما تجب معالجة الالتهابات التي تصيبه ومعالجة بؤر الالتهاب المتكرر في الجسم مثل الأسنان واللوز... والاهتمام بمعالجة فقر الدم ونقص التغذية في حالة وجودهما، مع التأكد من سلامة إفرازات الغدة الدرقية، وعلاج الإمساك إن وجد، وأخذ جلسات من التدليك اللطيف لفروة الرأس، ويجب ألا ننسى أن الارتياح والاستقرار النفسي هما من أهم العوامل التي تؤدي إلى تقليل الشيب المبكر.

يساعد تناول فيتامين (ب) المركب لفترات طويلة في الإقلال من حدوث الشيب المبكر، كما أن استعمال جرعة عالية من مادة البارامينوبنزوك اسيد تغمق الشعر عند %80 من الحالات بعد عدة أشهر من العلاج، ولكن لا يلبث الشعر أن يعود إلى وضعه الطبيعي بعد عدة أسابيع من التوقف عن العلاج، وكذلك يفيد تناول فيتامين (هـ) وهو يوجد في البيض والكبد والكلاوي .

بشكل عام ينصح بتناول الكبد والبيض وخاصة صفاره والسمك وبالأخص السلمون والخضراوات الطازجة والفول السوداني والخيار والطماطم والجزر والمشمش والتفاح والبرتقال واللبن ولحم البقر والضأن.

العلاج بالصبغات :

إن أفضل علاج للشيب بالنسبة للرجال والنساء هو استعمال الصبغة، وقد عرف الإنسان صبغ الشعر منذ آلاف السنين، وهناك ثلاثة أنواع من الصبغات : الصبغة النباتية، والأصباغ العضوية الصناعية، والأصباغ المعدنية.

يجب مراعاة ما يلي عند استعمال الصبغات.

1- التأكد من أن الصبغة لا تسبب حساسية تلامسية عند استخدامها، ويمكن التأكد من ذلك عن طريق اختبارها على اليد أولاً، حيث إن هناك بعض الصبغات التي تسبب حساسية تلامسية خاصة تحتوي على مادة (البارافينيل اندي امين)، وتظهر الحساسية على شكل التهاب واحمرار مع انتفاخ في الجلد يصاحبه حكة شديدة، وهو في العادة يشمل منطقة استعمال الصبغة والمناطق المحيطة بها عدا فروة الرأس (الوجه والأذنين)، وعند حصول الحساسية أو توقع حدوثها يستحسن إجراء اختبار الحساسية الجلدي للتأكد من نوعية المادة المسببة للحساسية، ومن ثم البحث عن صبغة لا تحتوي على هذه المادة، ويمكن الاستعاضة عن الأصباغ الصناعية بالأصباغ النباتية (والتي سنذكرها لاحقاً)، حيث أنها لا تؤدي إلى حساسية الجلد.

2- للصبغات تأثير سيء على الشعر، وخاصة الصناعية منها، ويزداد التأثير عند تكرار استخدامها، وعلى فترات متقاربة، ويشمل هذا التأثير تعريض الشعر للجفاف وإزالة البروتينات الطبيعية، مما يسبب حدوث تقصف للشعر، بل وقد يؤدي إلى تساقطه، ولذا يستحب استخدام الشامبوهات الطبية والمرطبات المناسبة لنوع الشعر، وذلك لمنع حصول هذه الآثار ولتخفيف أثر الصبغة على الشعر.

الصبغات النباتية :

يفضل استخدام إحدى الصبغات النباتية التالية عند الرغبة في تغيير لون الشعر الأبيض، مع ملاحظة أن الحصول على اللون الأشقر يحتاج إلى استعمال هذه الصبغات إسبوعياً، بينما الشعر الأسود والبني يأتي بنتيجة سريعة وأكيدة.

1ـ الحنة الحمراء : أفضل أنواع الصبغات مطلقاً، وهي تميل إلى الإحمرار، وتأتي بنتائج ممتازة وبخاصة مع ذوات الشعر الذهبي.

2ـ ورق التوت : يعطي اللون الأسود الداكن، وهو كالحنة يستعمل بعد تجفيفه وطحنه وعجنه بالماء.

3ـ قشر الكمثرى : يعطي اللون البني، ويستعمل بعد تجفيفه وطحنه وعجنه بالماء.

4ـ قشر الباذنجان : يعطي اللون البني، ويستعمل بعد تجفيفه في الفرن لدرجة التحميص من دون أن يحرق فمن ثم يطحن كالبودرة ويعجن بالماء.

5ـ ورق البصل أو قشره : يعطي اللون الكستنائي، ويغلى ثم يشطف به الشعر، ويترك ليجف عليه.

6ـ البابونج : يعطي اللون الأشقر، وتخلط أزهاره المغلية مع الكركم، ويشطف به الشعر، ولكن لابد من استخدامه إسبوعياً ليعطي النتيجة المطلوبة.



وصفات لإخفاء الشعر الأبيض ومقاومة الشيب

1ـ تغلى أربع ملاعق كبيرة من أوراق نبات المريمية بشكل جيد، ويبرد ويصفى، ثم يضاف إليه ملعقة صغيرة من مسحوق القرنفل ونصف فنجان من الشاي المغلي بشدة مع التقليب، ثم تضاف إليه ملعقتين كبيرتين من الحنة المذابة في نصف فنجان من الماء، ثم يوضع الخليط على الشعر وفروة الرأس لمدة نصف ساعة، ويشطف بالماء الفاتر.

2ـ تنقع أربع ملاعق كبيرة من أوراق المريمية في كوبين من الماء المغلي لمدة ساعتين، ويبرد ويصفى، ويدهن به الشعر خصلة خصلة كل مساء قبل النوم.

3ـ تنقع ملعقتان من حبوب السمسم في كوب ماء يغلي لمدة ثلث ساعة، ثم يدهن به الشعر ثلاث مرات في اليوم.

4ـ تؤخذ كمية 300 ملغ من فيتامين ب المركب وحمض بارامينوبنزويك يومياً، ويعيد هذا المركب لون الشعر الأصلي خلال شهرين تقريباً.

5ـ يغلى فنجان من الشاي بشكل جيد، ويضاف إليه ملعقة كبيرة من ملح الطعام، ويستخدم هذا المحلول في دهن الشعر من الجذور حتى الأطراف، ويبقى على الشعر لمدة 45 دقيقة، ثم يشطف الشعر بالماء العادي، ويجب تجنب استعمال الشامبو عند العمل بهذه الوصفة.

6ـ تؤخذ كمية لا بأس بها من عسل النحل أو العسل الأسود وخميرة البيرة والثوم يومياً.

أخيراً ، ليس لنا إلاّ أن نردّد قول الشاعر:

لكل داءٍ دواءٌ يستطب به إلا المشيب فقد أعيا الأطباء

شكرا على هذا الموضوع الجميل